التاريخ : 2017-10-29
أخطاء الحكام تتكرر.. والاستعانة بالأجانب ‘‘شر لا بد منه‘‘
تشكل قرارات الحكام في مباريات كرة القدم حالة جدلية مستمرة، وهي باتفاق الجميع "جزء من اللعبة" قد يستفيد الفريق منها اليوم ويتضرر منها غدا، وهي أخطاء في غالب الأحيان بشرية وغير مقصودة، وفي أحيان أخيرة تحدث إما نتيجة لضعف قدرات الحكم وعدم قدرته على اتخاذ القرار الصائب، أو لتعمد الحكم ارتكاب الخطأ لصالح هذا الفريق أو ذاك.
وتتركز الأخطاء المؤثرة على حالات ربما تكون صعبة لحاجة الحكم الى اتخاذ قراره في ثانية أو جزء منها، لاسيما من حيث احتساب أو عدم احتساب ركلة جزاء، أو احتساب أو عدم احتساب هدف سواء كان من حالة تسلسل أو عدم دخول الكرة بكامل استدارتها خط المرمى، أو ما يتعلق باستخدام أو عدم استخدام البطاقات الصفراء والحمراء لطبقا للحالة التي يراها ويقدرها الحكم.
ولذلك سعى الاتحاد الدولي لكرة القدم وبعض الاتحادات القارية لاسيما الأوروبية وبعض الاتحادات الأهلية الأوروبية، الى استخدام مزيد من الحكام للمساعدة على اتخاذ القرار الصحيح، ومن ثم استخدام تقنية الفيديو، التي وجدها البعض تحمل حلولا عادلة فيما عارضها البعض لأنها تفقد اللعبة نكهتها حتى في أخطائها.
وتستخدم تقنية التحيكم بالفيديو "فار" للتأكد من الأهداف، البطاقات الحمراء، ركلات الجزاء وحالات الخطأ بالهوية، وقد تم اختبارها في أنحاء مختلفة من العالم على غرار أستراليا، البرازيل، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وهولندا.
ويوم الخميس الماضي، توقع رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم أن تحذو الليغا الاسبانية حذو بطولتي إيطاليا وألمانيا باعتماد تقنية التحكيم بالفيديو في الموسم 2018-2019.
لكن تقنية الفيديو أضافت مزيدا من الجدل، ولعل أطرف ردود الأفعال كانت تلك التي صدرت على لسان مدرب يوفنتوس ماسيميليانو اليغري، حين قال: "ستصبح كرة القدم مثل لعبة البيسبول في أميركا، سننتظر ساعات طويلة في الملعب ونحن نأكل الفول السوداني".
ماذا يجري في الملاعب الأردنية؟
وليس ببعيد عن حالات الجدل التحكيمية الدائرة في مختلف ملاعب العالم، فإن المسابقات المحلية تشهد باستمرار حالات مثيرة للجدل، لاسيما ما يتعلق بركلات الجزاء وحالات الطرد والتسلل.
يوم أول من أمس، شهدت مباراتا الرمثا مع الفيصلي، المنشية مع الجزيرة اعتراضا شديدا على التحكيم، فخرج الحكم محمد مفيد في حماية الدرك بعد أن احتج جمهور المنشية وبشكل غير مقبول على قرارات الحكم في اللقاء أمام الجزيرة بالدوري حيث انتهت المباراة الى التعادل 1-1.
لكن الأضواء تسلطت بشدة على مباراة القمة بين فريقي الرمثا والفيصلي على ملعب الحسن، ذلك أن الحكم أحمد فيصل طرد مدافع الفيصلي ياسر الرواشدة بداعي استخدامه العنف ضد كابتن الرمثا مصعب اللحام، وربما اتفق الكثيرون على أن تلك الحادثة لم تكن تستدعي الطرد المباشر وإنما كان بإمكان الحكم الاكتفاء بالإنذار بما أن التدخل على الخصم لم يكن بتلك القوة المفرطة أو تقصد الإيذاء.
والغريب أن الفيصلي سجل هدفا ثانيا وهو يلعب بعشرة لاعبين، لكن الرمثا عرف متى وكيف يعود الى المباراة وكان له ذلك، حين رد على هدفي الفيصلي بأربعة آخرها كان من ركلة جزاء حين ارتدت الكرة من يد لاعب الفيصلي خليل بني عطية؛ حيث رأى كثيرون أن الركلة المحتسبة للرمثا صحيحة، في الوقت الذي كان فيه الرمثا قد طالب باحتساب ركلتي جزاء أخريين لم يحتسبهما الحكم فيصل.
الفيصلي يحتج
الفيصلي أصدر بيانا قويا قبل اللقاء في محاولة لامتصاص غضب جمهوره، لاسيما وأن الفريق "حامل اللقب" وله 9 نقاط يبتعد بفارق 7 نقاط عن الرمثا المتصدر برصيد 16 نقطة.
وأكد الفيصلي أنه يدرس بجدية تعليق المشاركة في المسابقات المحلية، وأنه يعتبر أخطاء الحكام مثيرة للاستغراب والريبة ومؤثرة، معتبرا أن لدائرة الحكام "ميولا نادوية"، نظرا للأخطاء التي ارتكبت في مباراتي الفريق أمام ذات راس والرمثا؛ حيث أغفل الحكم عن احتساب ركلة للفريق أمام ذات راس لتنتهي المباراة الى التعادل 1-1، كما طالب الفيصلي الاتحاد بتوفير حكام من الخارج لمبارياته المقبلة وعلى نفقته، لأنه لن يخوض مبارياته بحكام أردنيين، مشيرا الى أنه طلب من الاتحاد توفير حكام من الخارج لمباراته أمام الرمثا ولكن لم تتم الموافقة.
حكام من الخارج!
الاستعانة بحكام من الخارج ليست "بدعة" جديدة، بل إن الموسم الحالي شهد الاستعانة بثلاثة حكام من الخارج في غضون أقل من أسبوعين؛ حيث أدار طاقما بحرينيا بقيادة عمار محفوظ نهائي الدرع بين الوحدات والجزيرة بناء على طلب الجزيرة، الذي طلب أيضا حكاما من الخارج لمباراته أمام الفيصلي بالدوري وقادها البحريني علي السماهيجي، وتعادل فيها الفريقان 2-2، علما أن الوحدات فاز في نهائي الدرع 2-0، كما قاد طاقما عمانيا بقيادة أحمد الكاف مباراة الفيصلي والوحدات بالدوري بناء على طلب الوحدات الذي فاز في المباراة 2-0.
وحسب ما ترشح من أنباء مطلع الأسبوع الماضي، فقد كان الرمثا ينوي طلب حكام من الخارج لمباراته أمام الفيصلي، لكنه لم يتقدم لأسباب غير معروفة، فتقدم الفيصلي بالطلب يوم الاثنين الماضي بناء على توصية إدارة النادي، لكن الطلب جاء في توقيت يتقاطع مع تعليمات الاتحاد، التي تقول حسب الفقرة 12 من المادة 34: "يحق للأندية طلب الاستعانة خطيا بحكام غير أردنيين قبل 5 أيام عمل من موعد المباراة، وعلى أن يتحمل النادي التكاليف كافة المترتبة على ذلك".
وعليه كان يفترض بإدارة الفيصلي أو الرمثا أن تتقدم صباح يوم الأحد "أول يوم عمل في الأسبوع" لإحضار حكام من الخارج بما أن موعد المباراة يوم الجمعة.
بين الرفض والقبول
أخطاء الحكام أطاحت بمدير دائرة التحكيم سالم محمود، بعد أن شهدت مباريات عدة أخطاء مؤثرة كما حدث في مباراة كأس الكؤوس بين الفيصلي والجزيرة؛ حيث عوقب الحكم أدهم مخادمة بالإيقاف بعد أن رأت لجنة التقييم بأن ركلة الجزاء المحتسبة للفيصلي غير صحيحة، وعلى نحو مفاجئ أعلن عن تعيين السعودي على الطريفي مديرا لدائرة الحكام، وتردد أن راتبه يصل الى نحو 10 آلاف دولار، وخرجت أصوات بين مؤيدة ومعارضة، كما برزت تساؤلات عدة من أبرزها: هل تخلو الساحة المحلية من كفاءات أردنية ذات خبرة قادرة على تولي هذا المنصب؟، وهل يمتلك الطريفي "عصا سحرية" يستطيع من خلالها تغيير النظرة السلبية لحكام المباريات؟، والسؤال الأهم من يقوم باختيار الأطقم التحكيمية ومن يقيّم الأداء؟.
ومن البديهي أن بعض الأندية لا ترغب بوجود حكام معينين لمباريات فرقهم، فظهرت حالة غير معلنة رسمية تشبه "القائمة السوداء" التي تحظر هذا الحكم أو ذاك عن فرق بحد ذاتها، وهذه مسألة مرفوضة بالمنطق، علما أنه في كل دول العالم ثمة من يحتسب حكما بعينه على فريق ما.
هل الأخطاء مقصودة؟
لا شك أن القناعة موجودة عند الغالبية العظمى من المتابعين بأن أخطاء الحكام غير مقصودة ولكنها مؤثرة في أحيان كثيرة، وبالتالي فإن بعض الفرق تدفع ثمنا باهظا لذلك الأمر، مع أن هذه الفرق وغيرها طالما استفادت من أخطاء الحكام في مباريات سابقة، ولذلك لا يجوز تصديق مقولة "المؤامرة"، لأن ذلك أشبه بحالة من الوهم قد تتطلب جهدا مضاعفا للخروج منها، ويبقى الجدل محتدما بشأن الاستعانة بحكام من الخارج، بما أن الأندية على قناعة بأن أخطاء الحكام الأجانب "بشرية"، في حين قد تكون مقصودة من قبل الحكام المحليين، وبالتالي فإن الاستعانة بحكام من الخارج أشبه ما يكون "شرا لا بد منه"، لأن الحكم من الخارج ليس بأكثر كفاءة من الحكم الأردني، لكن قراراته مهما كانت تبقى مقبولة طبقا لقاعدة "حسن النوايا".
عدد المشاهدات : [ 3820 ]